الأحزاب المغربية أصبحت عالة على الدولة والمجتمع بسبب عدميتها وسلبيتها التأطيرية والتدبيرية

الأحزاب المغربية أصبحت عالة على الدولة والمجتمع بسبب عدميتها وسلبيتها التأطيرية والتدبيرية

عبد الإله الوزاني التهامي

لا يخفى على أحد الغياب المطلق للأحزاب السياسية عن التأثير في الجماهير بسبب عدم تنفيذها للمهام المنوطة بها دستوريا ومنطقيا، وعليه فإن اسمها لم يعد يطرب أحدا أو يعنيه.

بعدما انبطحت جميعها أكثر من أي وقت مضى ، بما يؤكد أنها صنيعة سيدها و طائعة ولي نعمتها ، أثببت التجارب السياسية الأخيرة أن المغاربة مجمعون على حقيقة ثابتة ، تتمثل في كون ما يسمى الأحزاب السياسية ، المتواجدة صوريا في الساحة الوطنية ، إن هي إلا “دكاكين” و علب ، تبيع الوهم ، و تمارس على المواطن عمليات بيع و شراء الذمم و الضمائر ، في المواسم الانتخابية ، و في مواسم و مناسبات يصنعها النظام الحاكم ، لخدمة أجندته المرسومة بعناية ، دون أن يعي المواطن بأن الحزب أداة لتطويعه و تذليله و ترويضه ، و من ثم قيامه بإضفاء الشرعية على ما طلب منه بواسطة الحزب ، فيكون ذلك المواطن غير الواعي قد وظف بشكل مزدوج ، لصالح من لا يسعون سوى لخدمة مصالحهم الخاصة بامتياز ، سواء من قبل السلطة السياسية أو من طرف الحزب .

لابد أن نؤكد بألا قيام لنظام حكم قوي ، دون وجود مؤسسات حزبية قوية و متماسكة و ذات أفكار و برامج واضحة ، لأن كل نظم الحكم في العام لم يكتب لها الاستمرارية و التطور إلا بالاتكاء على هذه الأسس و الأركان المؤسساتية التي تتشكل من الشعب و من مكوناته المجتمعية المختلفة و المتباينة المشارب و الاجتهادات ، و بضعف الأحزاب يضعف نظام الحكم و إن استمر في الهيمنة على الدولة و المجتمع ، إنما تكون تلك الهيمنة مبنية على وسائل العنف “المشروع!?” أو ما يسمى بأساليب الردع و القمع و إحكام القبضة الأمنية بالخصوص ، لأن الأصل في الاستقرار هو وجود تمثيلية شعبية مباشرة عبر صناديق الاقتراع التي تفرز قوى سياسية منبثقة أساسا من الشعب ذاته ، و هكذا تتم عملية تداول الحكم و تدبير شؤون الدولة دون صدام أو استنجاد بوسائل و آليات “قطع الأعناق” و ” قطع الأرزاق” لكبح جماح النمو الطبيعي المتسارع للقوى المجتمعية الحية .

و من ناحية أخرى ، و مهما كانت طبيعة نمط الحكم ، في المغرب أو في غيره ، إن السعي المستمر من طرف الحزب للوصول إلى مؤسسات الحكم و السلطة ، هو الرابط الأساسي و الجامع القوي بين أعضاء الحزب ، فأي حزب لا يستطيع الوصول إلى مؤسسات الدولة محكوم عليه بالفشل و التحلل و التآكل أو حتى الانشقاق ، و الوصول إلى الأجهزة و المؤسسات ، لا يتحقق إلا عن طريق جسرالديمقراطية الموصل إلى أجهزة الحكم ، عن طريق الحصول على قدر كبير من التأييد الشعبي يساعده على الضغط في اتجاه تحقيق أهدافه .

و تؤكد التجارب الحزبية أن قوة التنظيم بخلاياه و لجنه و فروعه تولد قوة الحزب ، لأن التنظيم الحزبي هو الحجر المعتمد في بناء حزب سياسي متين .

إن الحزب في الأجواء الديمقراطية ، كما أسلفنا أداة تسمح للمواطن بالمشاركة في الحياة السياسية للبلد ، و يقوم بأعمال ترمي أساسا إلى خدمة الوطن ، و في نفس الوقت تحقق للمجتمع خدمات كثيرة .و يتكتل الناس حول الحزب ، و يستعملونه لتنفيذ برنامج سياسي و اجتماعي إذا ما كتب له الحصول على مراكز متقدمة في الاستحقاقات .

و يجمع الباحثون و المهتمون على أن وجود الأحزاب المتنوعة البرامج و المتباينة الإديولوجيات و المختلفة الأفكار ضروري ، لكل مجتمع تسوده أنظمة ديمقراطية ، تفسح في ساحاتها و فضاءاتها ، منافذ و مجالات التعبير و الاختلاف و ممارسة الحرية .

و بناء على ذلك ، نرى كما يرى المغاربة أجمعون ، بأن الأحزاب في نسخها المغربية ، مجرد دكاكين سياسية انتخابوية ، تبيع الأوهام ، و تتاجر في ضمائر و ذمم المواطنين ، خدمة لمصالحها ، و تنفيذا لأجندة الآخر القابض على زمام كل شيئ .

شاهد أيضاً

أين نحن من شعار تقريب الإدارة من المواطنين؟

أين نحن من شعار تقريب الإدارة من المواطنين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار
صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بمكناس افتتاح الدورة الـ 16 للمعرض الدولي للفلا... فرع الجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية بجهة فاس مكناس يعقد جمعه العام السنوي وينظم ندوة حول تد... الشماعية تحتضن الإقصائيات الجهوية لفن التبوريدة برشيد...درك سيدي رحال الشاطئ يحبط محاولة للهجرة السرية على مستوى  الشريط الساحلي للمحيط الأطلسي سنسوداين العلامة التجارية الأولى في العالم لعلاج حساسية الأسنان تعزز تواجدها في المغرب المنتدى الجهوي الثاني للديمقراطية التشاركية يستكشف دور الجمعيات ومساهمتها على المستوى المحلي " أكادير...منظمة حقوقية توجه طلب إلى السيد المحترم عبد اللطيف حموشي المدير العام للأمن الوطني من أجل ا... رئيس دائرة الساكنية بالنيابة يدعو المؤسسة المنتخبة المجتمع المدنى وجميع المتدخلين لإجتماع طارىء لدرا... بيان توضيحي من جماعة القنيطرة النقط السوداء للمظاهر القروية بمنطقة الساكنية بالقنيطرة تستفز السلطات