الدلالة الإجتماعية في خطاب جلالة الملك
فاكر مصطفى
من خلال تتبعنا للخطاب الملكي بمناسبة مرور 47سنة على إنطلاق المسيرة الخضراء نكتشف البعد الإجتماعي و التركيز على العوامل الإجتماعية وهذا ما أجمع عليه المحللون السياسيون و الأكاديميون ،و ذلك أن الملك يشعر جيدا بعمق الأزمة التي تمر منها البلاد و يشعر بمعاناة فئات عريضة من أبناء الشعب المغربي.
إن جلالة الملك في خطابه المتميز لا يستنكف أن يستعمل لغة الصراحة و الواقعية و الخطاب المباشر،حيث يضع جلالته الأصبع على مكامن النقص و الخلل مع توجيه الخطاب المباشر إلى القطاعات المعنية سواء تعلق الأمر بالحكومة أو المؤسسات العمومية أو الأحزاب السياسية.
إن السمات الأساسية التي أصبحت تتميز بها خطب صاحب الجلالة هي تأكيده الصريح على الأولوية التي يوليها الملك لشعبه و الهم الذي يؤرق باله من حيث العمل على تحسين ظروف عيشهم اليومي خاصة الذين يعيشون في وضعية هشة ،و النهوض بأوضاع الشباب و تكريس مبادئ الحكومة الجيدة التي تهدف إلى تمتيع جميع المغاربة بثروات بلدهم و لا يخفى على أحد تعليمات جلالته و حرصه الشديد على مصلحة أبناء الشعب.
والغرائب في هذا كله هو أن بعض الفاعلين السياسيين ليست لهم نفس النظرة إلى الواقع المغربي و ذلك يظهر جليا لنا من خلال جدالهم العقيم حول قضايا تافهة لا تستحق كل هذا الزخم الفكري و التخاصم الحزبي و يذرون وراءهم قضايا مصيرية و أن يراعوا الوضعية غير المطمئنة للواقع الإجتماعي المتأزم خاصة و أن المغرب أمام مشروع مصيري يتمثل في تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي يتطلب توحيد الجهود و تثبيت المسار لما فيه من مصلحة الوطن و المواطن،و أمام تحد كبير في طي صفحة نزاع الصحراء المفتعل،بعد أن اتضح للمنتظم الدولي أن خصومنا لم يكونوا أبدا في مستوى الحوار و الشرعية الدولية و الذي حسم قرار البيت الأبيض لسيادة المغرب على صحراءه و توالي فتح القنصليات و التمثيلات الدبلوماسية بكبريات مدن الصحراء المغربية.
و شاءت الصدف أن يتزامن إحتفال الشعب المغربي بالذكرى 47لإنطلاق المسيرة الخضراء بالذكرى24لرحيل فقيد المغرب العظيم و مبدع المسيرة الخضراء المظفرة جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني،وهي ذكرى إختزلت بمفردها شخصية ملك عبقري وقائد محنك و مبدع متبصر سجل له التاريخ هندسته لواحد من أكبر المسيرات التي طبعت تاريخ العالم و توقيعه بمعية شعب مجاهد لواحد من أعظم الملاحم النضالية و التحريرية عبر العالم التي حضرت فيها كل طقوس الوطنية و التضحية و الوفاء و المسؤولية و معاني الصمود و التحدي و الإصرار في سبيل وحدة الأرض و سلامة التراب.
ملف إستكمال البناء و النماء لا زال مستمرا و متواصلا بكل عزيمة و شجاعة و نكران الذات في سبيل الإزدهار و التقدم يتقدمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس و ذلك بالسهر شخصيا على المشاريع التنموية بأقاليمنا الصحراوية و التي قطعت أشواطا كبيرة في سبيل تثبيت دعائم الدولة الإجتماعية .
حدث كهذا لا بد أن نستلهم منه الخطوط الكبرى لنجدد الترحم على روح مبدع المسيرة الخضراء و من قبله على بطل التحرير الملك محمد الخامس و على كل الشرفاء و الأحرار المغاربة الذين قضوا ليحيى الوطن متمنين في ذات الآن دوام الصحة و العافية بمهندس البناء و النماء جلالة الملك محمد السادس على أن نكون جميعا خدام للوطن بمسؤولية و تفان و نزاهة و استقامة و تضحية ،فكلنا راحلون لكن يبقى الوطن شاهدا على أفعالنا و أعمالنا و التاريخ موثقا لصنيعنا.
فهنيئا من رحل و قد أحسن صنعا للوطن،و ساهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا في تنمية الوطن و نماء الوطن و الدفاع عن مقدسات الوطن،و الحقيقة التي لا تقبل القسمة على إثنين و هي حقيقة لا غبار عليها هي أن الصحراء في مغربها و المغرب في صحراءه،و موتوا بغيظكم أيها الحاقدون.