سنتأهل للدور الثاني عن جدارة واستحقاق وسنعطي درسا للعالم بأنه بالإطار الوطني وبالوطنيين المخلصين والأكفاء يمكن توظيف الطاقات وقيادة سفينة الرياضة ببلادنا
عبدالإله الوزاني التهامي
مؤشرات كثيرة في المشهد الرياضي الوطني على مستوى كرة القدم تدل دلالة قاطعة على أن المغاربة باستطاعتهم صناعة التاريخ وإنجاز المستحيل، فوحده مثلا مونديال قطر برهن بالملموس أن المغاربة رقم صعب لما تتاح أمامهم فرص التألق والعطاء، رقم صعب لما يتاح لمدرب النخبة بالاشتغال بحرية ودون إملاءات أو ضغوط أو توجيهات خارج السياق، رقم صعب لما يجد اللاعبون مدربا متفهما ومقدرا لإمكانيات كل لاعب على حدة فيوظفه على رقعة المعشوشب وفق إمكانياته ويوظفه داخل المباراة في توقيت يناسبه، رقم صعب لما يكون قلب الجمهور على قلب اللاعبين والمدرب، يهتفون بشعارات متجانسة متناغمة متناسقة.
إن الكرة المغربية على وجه الخصوص والرياضة على وجه العموم لا يمكن الاستهانة بفائدتها ولو استحضرنا الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يتهمم به المواطنون كل ليلة وصباحها وعشية وضحاها، إذ أن التفوق في الرياضة يمكن اعتباره مرآة عاكسة لإمكانية النجاح والتألق في مجالات أخرى أكثر ملامسة لحياة المواطنين، الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسيادية.
مهما أدركنا أن الأولوية لمجالات أخرى،
فإنه إذا نجحنا في الرياضة بواسطة أطر وكوادر تحب الوطن ومتشبعة بروح الوطنية ومتسلحة بالعلم والخبرة زائد الروح القتالية التي بدورها لها مفعول كبير في إخراج القوى الكامنة في عمق الإنسان يتحقق العجب ولو في وجه اعتى وأقوى الفرق العالمية. وعليه يمكن الانتقال لمجالات أخرى.
أن ننجح في الكرة معناه أن نجاحنا مضمون في ميادين مختلفة إن أخلصنا وتسلحنا بنفس ما تسلحنا به في ميادين المستديرة، طاقما ولاعبين وجمهورا. سننتصر وسننتقل للدور الموالي، ولم لا ننتقل للدور الذي يليه ما دمنا متسلحين بالخبرة والإتقان والإرادة بقيادة أبناء الوطن من مدرب وبعض الإداريين ولاعبين، ولم لا ننتقل ونتأهل للنهائي ولم لا نفوز بكأس العالم، ماذا ينقصنا مقارنة مع غيرنا من بني البشر ؟ إن انتصاراتنا في المجال الرياضي وخاصة الكروي لدليل ساطع على أن باستطاعتنا الانتصار في كل مجالات الحياة إن استحضرنا ما يجب استحضاره من أسباب وقواعد ودوافع ومحفزات وإمكانيات، هذا مع أننا لم نناقش مسألة مهمة وهي قرن المسؤولية بالمحاسبة إذ لا يعقل أن تنفق الملايير من ثروة جيوب الشعب دون حسب ولا رقيب، سننجح في التنمية والاقتصاد والسياسة والدبلوماسية والثقافة والاجتماع وغير ذلك من مجالات. لقد أبانت التجربة الأخيرة أنه بالاعتماد على الناخب الوطني والإطار الوطني والخبير الوطني والمهندس الوطني نؤسس لنهضة حقيقية كفيلة بجعلنا ندا للند أمام قوى عظمى لها وزنها على المستوى العالمي.
سننتصر على الفريق الذي سننازله غدا وسنتأهل، ثم سننتصر وسنواصل الانتصار، إلى أن تصبح لغة الانتصار وثقافة الانتصار سارية على أيدينا وعلى ألسننا، لأننا أصلا من جنس المنتصرين منذ أمد بعيد.
إن أعددنا وتسلحنا وبادرنا.