إندحار الأوثان الكروية
مصطفى فاكر
إنهزمت البرتغال و من قبلها إسبانيا وعمالقة كرة القدم في أرض عربية إسمها قطر،بلد المعجزات و الأفراح العربية و الإسلامية،حيث لم يكن أسود الأطلس يمثلون خلال المباراة ضد البرتغال بلدنا المغرب فقط ،بل جميع الدول العربية و الأفريقية و الاسلامية،ذلك أن الخروج المبكر لقطر و السعودية و تونس و بعدهم السنغال حول المغاربة إلى فريق يختزل أحلام كل العرب و إفريقيا،بل و العالم الإسلامي على امتداد الرقعة الجغرافية،حيث كانت المباراة ضد البرتغال مشحونة بالرمزية و الدلالات،هذه الدلالات تجاوزت ماهو كروي رياضي إلى ماهو سياسي هوايتي حضاري.نجح أسود الأطلس بهذا الإنجاز اللامع في توحيد الأمة العربية ،بعد أن فشلت عن ذلك السياسة و السياسيون،حيث كان التشجيع يتكلم بصوت واحد و بلغة واحدة و راية واحدةVIVE LE MAROC .
إن الفريق المغربي صار فريقا لكل العرب ولكل الأفارقة.خرج العرب و رقصوا و احتفلوا جذلا و طربا ليس بالنصر و لكن لاكتشافهم أيضا أنهم قادرون على منافسة الآخر،اليوم في كرة القدم و غدا في ميادين أخرى و مجالات شتى:في الطب و الهندسة و الكيمياء والفلك و…..هذه الإحتفالات أظهرت أن أمتنا إنما هي أمة واحدة و أمة قادمة و أن الحدود التي تفرقنا إنما هي من صنع الإستعمار و لابد من يوم فيه تتهاوى هذه الفواصل في المستقبل القريب.
العجب إذن من هذا التقدير و هذا الإلتفاف المنقطع النظير حول هذا المنتخب الظاهرة الأيقونة لأنه يشكل ببسالته و توجهه و تفرده الملاذ للجماهير العربية من عقد شتى،أولها أنه أنهى عقدة المدرب الأجنبي لأن النصر كان بأقدام مغربية و بعبقرية مدرب مغربي،لأنه حين تتوفر الظروف و الأسباب و تتظافر الجهود يتحقق المراد،أما ثاني أوجه الخلاص فهو أن الشعوب العربية قد نزعت عنها بهذه الندية و القتالية الشعور بالنقص و الدونية الذي ظل يلازمها و الذي لم يكن ينسحب فقط على المجال الكروي ،بل كان يطال كل المجالات و القطاعات،حتى صار تبخيس الذات و النزوح تحت ثقافة الهزيمة،الرياضة الوحيدة التي يبدع فيها العرب.
لقد جرفت الكرة المغربية القابلية للهزيمة و زرعت بدلا عنها القابلية للإنتصار و التفوق.لقد أثبت المنتخب المغربي أن مكاننا كعرب و أفارقة هو في القمة مع الكبار و أنه حان لشعوبنا أن تتصدر لا تتذيل،تقود و لا تقاد تجذب و لا تنجذب تبتكر و لا تقلد.
لقد صنع فريقنا ملحمة سيخلدها التاريخ و سيكون لها الأثر الفعال على نفسية الشعب المغربي و الشعوب العربية و الإفريقية إذا ما استخلصنا العبر و أخذنا الدروس.
وثالث العقد هي أنه لا يجب أن ننسى الدور الذي يمكن أن يلعبه مهاجرونافي الدفع بعجلة أوطاننا،ففي زمن العولمة لم تعد المواطنة لصيقة بمن يعيشون داخل الحدود الترابية للوطن أو الأمة،و إنما هي لكل من يجري في عروقه دماء البلاد أينما كان مسقط رأسه أو مكان إقامته.