8مارس..الواقع ورهانات المستقبل أية علاقة؟؟؟؟
مصطفى فاكر
بنظرات حبلى بعشرات الأحاسيس ،و ملامح ذابلة أنهكتها ساعات العمل الطويلة بعيدا عن صخب و ضوضاء الخطابات الجوفاء،و الشعارات الرنانة التي تحلق في السماء تخليدا لليوم العالمي للمرأة غير مبالية بالأجواء الإحتفالية الصاخبة التي تقام باسم المرأة المغربية و حقوقها ومدونة الأسرة.
هي تنسحب بهدوء لتلتحق بعملها كالمعتاد سواء في الحقول أو الضيعات أوهي خادمة في البيوت أو نادلة في المقهى أو قابضة في وسائل النقل العمومي أو عاملة في النظافة تجمع الأزبال و المخلفات البشرية من الشوارع العمومية بأجر زهيد،تخفي إنكسارها وقلة حيلتها و ندبات الزمن.هي إمرأة كباقي النساء،إلا أنه تم وأدها في مقبرة التهميش و الإقصاء و النسيان،تقتات فتات بعض الحقوق من موائد المناضلات و المثقفات و الموظفات و السياسيات…لا تعرف عن مدونة الأسرة إلا ما سمعته صدفة في التلفاز،أو من المذياع،فخلصت بعد تهج إلى أنها ربما تسهل عملية الطلاق و تمنع تزويج القاصرات إلا ببلوغ السن18 وتقيد شروط التعدد إلا للضرورة القاهرة بضوابط صارمة،لكن كل هذه الأشياء لا تشكل لديها نقطة تحول،فهي المغلوب على أمرها ،ولن تغير المدونة شيئا من حالها لأن معاناتها لن تنتهي ،بل ستظل تعاني في صمت رهيب و المعاناة تثقل كاهلها مثل حزم الحطب التي تحملها المرأة القروية على ظهرها كل يوم وربما ستتراكم أكثر من أكوام النفايات التي تحاصر دور الصفيح من كل حدب وصوب،و أكثر من الأشغال المنزلية،تلك التي تنتظر الفتاة الخادمة في البيوت وهي التي نذرت حياتها لجمع شمل الأسرة حتى ولو داست على أشواك الذل و المهانة و تجرعت سم المعاناة دون أن تكل و تطرق أبواب مراكز الإستماع ضحايا العنف الأسري خوفا من انتهاك قداسة الأسرة و تشتيتها و دون أن تلجأ للقانون لمتابعة رب العمل أو زبون تحرش بها أحد أهم حقوقها خوفا من الطرد و فقدان مصدر القوت اليومي،وهي التي تجاهد في سبيل تغيير ظروف عيشها و تأمين حياة أبناءها و جني أبسط حقوقها أو على الأقل الإعتراف بإنسانيتها.مهما حاولت النسيان و حاولت الهروب ،ستظل نظراتها ملأى بأحاسيس الألم و المهانة تطاردها في كل وقت و حين و في كل مكان،وجه تعلوه صفرة فاقعة،أخفقت ملامحها الأصلية ،ترغم على توزيع الإبتسامات هنا وهناك حتى لو كانت منهكة و ما بداخلها يتمزق…تحاول جاهدة تجاهل تلك العيون الوحشية التي تلتهم جسدها بنهم و شراهة،لتضاعف حجم معاناتها و ألمها ،لا تملك في الحياة إلا خيارين أحلاهما مر:الصبر أو الطرد.هي واحدة من بين أولئك اللأئي في وضعية صعبة و مؤلمة لا ذنب لها سوى أنها وقعت ضحية الإستغلال الرأسمالي الجشع و الليبرالية المتوحشة،خادمة تحت أعتاب الشفقة و المذلة،عاملة في البيوت أو الحقول و الضيعات في ظروف قاسية صيفا و شتاء،تتعرض للغمز و اللمس و غيرها، وأدت نفسها في بيوت الرذيلة و المتعة الجنسية الرخيصة،تمرغ جسدها لمن دفع أكثر ،و كثير منهن بعد أن صرف الجمال وجهها تتسول في الشوارع بلا كرامة و لاحق في العيش.هل هذه الفئة تعد مجرد جمهور غفير مطالب بأن يتفرج و يصفق لعرض مسرحي عنوانه: 8مارس؟و إذا كانت غير ذلك فأين نصيبها من كعكعة هذا الإحتفال البهيج المعلن و الضامر.؟؟؟
وضعية هذه المرأة تتطلب مضاعفة الجهود المبذولة من طرف الدولة و المجتمع المدني لتحسين وضعها المادي و المعنوي وضمان حقها في قانون الشغل حتى لا تظل كلمة الطرد فزاعة يشهرها الرجل الجشع في وجه المرأة .فإلى ذلكم التاريخ حين تحصل كل النساء على حقوقهنكاملة،و يوم تتحرر المرأة من قيود التبعية و الإمعية و تحصل على الإستقلال من الإستغلال نقول:”كل 8مارس و المغربيات بألف خير.”