في خطوة أمنية حاسمة، تمكنت عناصر المركز القضائي للدرك الملكي بسرية بوسكورة، الجمعة الماضية، من تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في السطو على الأراضي السلالية وبيعها عبر تجزئات سرية، في عملية نصب استهدفت الدولة والمواطنين على حد سواء.
وبحسب مصادر مطلعة، فقد نجحت الشبكة في الاستيلاء على أراض سلالية تابعة لجماعتي أولاد صالح وبوسكورة في إقليم النواصر.
رغم أن هذه الأراضي محمية قانونيا، حيث جازف أفراد الشبكة بتقسيم الأراضي السلالية وبناء وحدات سكنية عليها، ثم بيعها بأسعار منخفضة لجذب الضحايا الذين يسعون للحصول على سكن لائق وفي المتناول.
ووفقا للتحقيقات الأولية، تجاوزت الأرباح غير المشروعة التي جنها المنعشون العقاريون 100 مليون درهم.
كما كشف التحقيق عن تورط عدد من المسؤولين المحليين الذين سهلوا عملية السطو على الأراضي السلالية.
حيث قام بعض رجال السلطة مثل القياد والمقدمين والشيوخ بالتعاون مع هؤلاء المنعشين العقاريين، حيث زودوهم بشهادات إدارية مزورة وأمنوا لهم الحماية القانونية، مما سهل عمليات البيع دون المساءلة القانونية.
كما استغلوا سلطاتهم للحصول على تصاريح غير قانونية لربط المنازل بشبكات المياه والكهرباء، ما منح عملياتهم مظهرا قانونيا في أعين الضحايا.
وقد تمكن المركز القضائي من رصد الأنشطة المشبوهة بفضل عمليات الهدم العشوائي التي طالت بعض الدواوير في إطار برنامج إعادة الهيكلة.
مما أدى إلى اكتشاف العديد من حالات النصب، فقد اكتشف المواطنون أن الأراضي والمنازل التي اشتروها كانت غير صالحة للتفويت ولا تحمل أي صفة قانونية.
وأسفرت التحقيقات عن توقيف المنعشين العقاريين الذين استغلوا علاقاتهم مع رجال السلطة لتسهيل عمليات التلاعب بالعقارات المعنية.
النيابة العامة تتابع التحقيقات عن كثب وتشرف على سير الأبحاث بشكل مباشر، كما تعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتورطين.
وتشير التحقيقات إلى احتمال تورط شخصيات بارزة في قطاع العقار، مما يفتح الباب أمام إمكانية اعتقالات جديدة لمسؤولين كبار في الإدارة المحلية.
تظهر هذه القضية حجم الفساد المستشري في قطاع العقار، حيث استغل البعض ضعف الرقابة على الأراضي السلالية لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المواطنين.
الفضيحة تؤكد ضرورة الإصلاحات القانونية والإدارية لضمان حماية الحقوق العقارية وتعزيز الشفافية في التعامل مع الأراضي السلالية.
التطورات الأخيرة تشير إلى الحاجة الملحة لمراجعة شاملة للقوانين المتعلقة بالأراضي السلالية، وتطبيق القانون رقم 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية، لضمان التصرف السليم في الأراضي وحماية حقوق المواطنين.
فضيحة “مافيا” العقار تفتح المجال لتحقيقات موسعة قد تطال شخصيات بارزة في قطاع العقار والسلطة المحلية، وهي تذكير قوي بضرورة محاربة الفساد في هذا القطاع وضمان حماية حقوق المواطنين من استغلال المتنفذين.
وقد لقيت هذه العملية ارتياحا كبيرا لدى المواطنين وفعاليات المجتمع المدني، الذين أشادوا بالدور الكبير للنيابة العامة والقيادة الجهوية للدرك بالدار البيضاء، بقيادة السيد عبد المجيد الملكوني، وقائد سرية بوسكورة السيد زكرياء القصراوي، والمركز القضائي بوسكورة تحت إشراف قائده السيد يونس عاكفي وعناصره، في محاربة الجريمة والحفاظ على النظام العام.