في تطور لافت يعكس تشدد وزارة الداخلية في التصدي لاختلالات التعمير، كشف عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، عن توجه حازم لمساءلة عدد من المنتخبين المحليين بسبب خروقات جسيمة مرتبطة بمنح رخص فردية خارج الإطار القانوني، خاصة في مدينة سيدي قاسم.
وقال لفتيت، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، المنعقدة يوم الإثنين 21 يوليوز الجاري، إن إصدار الرخص الفردية بشكل عشوائي “ممنوع منعًا باتًا”، مشددًا على أن أي تجاوز في هذا الباب يُرتب جزاءين رئيسيين هما العزل والمتابعة القضائية، مؤكدًا في الوقت ذاته استعداد وزارته للتعامل الصارم مع كل الشكايات ذات الصلة.
ويأتي هذا الموقف الصارم تزامنًا مع تقرير وُصف بـ”الأسود” صادر عن المجلس الجهوي للحسابات بجهة الرباط–سلا–القنيطرة، كشف عن منح رخصة فردية مشبوهة بمدينة سيدي قاسم من طرف رئيس الجماعة الحالي، تحت رقم 08/2023 بتاريخ 11 ماي 2023.
وبحسب التقرير، فقد تم تسليم الرخصة دون الحصول على رأي الوكالة الحضرية، ودون رفع التحفظات التقنية التي سبق أن أبدتها لجنة الدراسة، ما يشكل خرقًا صريحًا لقانون التعمير.
المعطيات تشير إلى أن الرخصة استُعملت في تحويل مركب اجتماعي ممول من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى فندق وحانة خاصة، في مخالفة واضحة للغرض الذي أُنشئ لأجله المشروع.
وتم تفويت البناية لصالح شركة خاصة، وتم منح شهادة المطابقة في ظرف ثمانية أيام فقط، مما مكن المستثمر من استغلالها كمؤسسة فندقية.
كما منح أحد نواب الرئيس رخصة استغلال للفندق، متجاوزًا بذلك الضوابط القانونية والمساطر المعمول بها في الترخيص والاستغلال الفندقي.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة أن الملف قد أحيل رسميًا على النيابة العامة من طرف الوكيل العام لدى المجلس الأعلى للحسابات، تحت رقم 114/3123/2024، وهو ما فتح مسارًا قضائيًا انتهى مؤقتًا بقرارات ثقيلة تمثلت في إغلاق الحدود وسحب جوازات السفر من ثلاثة مشتبه فيهم رئيسيين: رئيس مجلس إقليم سيدي قاسم، وشقيقه، ورئيس المجلس الجماعي للمدينة.
وتُطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت وزارة الداخلية ستُفعّل مسطرة العزل الإداري في حق المنتخبين المعنيين، في وقت يُنتظر فيه أن تكشف التحقيقات الجارية عن مزيد من التفاصيل المرتبطة بشبهات التلاعب في المال العام واستغلال النفوذ.