إصلاح الشأن الشبابي و أعطاب التسيير بإقليم اليوسفية
مصطفى فاكر
في الدول المتقدمة و التي تعترف بأن للشباب دور هام في تنمية البلاد، وهو دعامة أساسية في بناء المجتمع، تسعى دائما لتخصيص برامج و مقاربات و اعتمادات مالية مهمة ضمن ميزانياتها العامة.
أما في الدول السائرة في طريق النمو لا نكاد نلمس مشاريع تهتم بالجانب الشبابي، و لعل إطلالة خاطفة على موقع وزيارة دور الشباب و الرياضة بإقليم اليوسفية باعتبارها الوزارة الوصية كافية لمعرفة المعالم الكبرى للإستراتيجية الوطنية المعتمدةفي هذا المجال، إلا أن متابعة تدبير المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة و الشبيبة بإقليم اليوسفية للشأن الشبابي منذ السنوات السالفة يحيلنا على الأعطاب و الإستنتاجات التالية:#بنية تحتية هشة و مغشوشة.
إن الإعتمادات التي تخصصها الوزارة لتقوية و تأهيل البنيات التحتية لقطاع الشباب، من دور للشباب و مراكز تربوية و ملاعب رياضية، سواء منها تلك التي تم تخصيصها في إطار الشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، و المجالس الجماعية، أو تلك التي تنفرد بها الوزارة، إلا أن المثير للإستغراب و الدهشة هو أنه رغم حداثة أغلب هذه المؤسسات و البنيات التحتية للقطاع التي لا يتجاوز عمر أغلبها 6سنوات،فإن عددا منها لم يعد صالحا للإستغلال اليوم، و لم يعد يؤدي دوره كفضاء لإيواء الأنشطة الشبابية، بل أصبح يسيء إلى سمعة القطاع، وخير مثال على ذلك”المسبح البلدي” الذي لم يفتح أبوابه في فترة الحر و الحرارة المفرطة إلا أياما قليلة حتى بانت فيه تشوهات و تصدعات بنيوية مما اضطر معه أصحاب القرار إلى إغلاقه إلى أجل غير مسمى تاركين الشباب يكتوون و يبحثون عن البرك المائية و السدود التالية التي أودت بخيرة شباب المنطقة، و بالمقابل في نفس المشهد السوريالي المركب السوسيو رياضي بالشماعية الذي لم يمر على افتتاحه سنة ضوئية حتى أضحى خربة مهجورة، لا حركةولا سكون إلا تلك الأعشاب الطفيلية التي نبتت خلسة عن أعين المكلف بالحراسة، و أمام بابه منظر مشوه من الأحجار و المتلاشيات و كذا على طول مسافته، بدون طاقم إداري و لا تربوي قار و مسؤول يتحمل المسؤولية.
أما عن دور الشباب و مراكز الإستقبال فتكفي إطلالة سريعة عليها لتظهر للوافد منذ أول وهلة مواطن الإختلالات و الأعطاب الواضحة في البنايات لتبدأ سلسلة الإستفهامات و علامات للإستغراب و الدهشة التي تكبل مصير الإعتمادات المالية، مما يجعل المتتبع للشأن الشبابي بالإقليم يصل إلى أن الهدف من هذه الإصلاحات لا يكاد تخرج عن أحد أحتمالين:
1#إصلاح من أجل در الرماد على العيون، على واقع الإختلالات البنيوية الواقعة بهذه البنايات المغشوشة.
2#تكثيف عملية إعادة الإصلاحات لمجموعة من المؤسسات بغرض نهب مزيد من الأموال العمومية باسم الإصلاح و إعادة الإصلاح.هذا في المجال الحضري أما عن دور الشباب في العالم القروي فلا تكاد تجد مؤسسة شبابية بالمعنى المتعارف عليه يتميز بخصائص و معايير وطنية، ناهيك عن ما تعرفه من مشاكل في ضعف الإشعاع لأسباب متباينة، و على رأسها ضعف الموارد البشرية، و ضعف المواد اللوجيستية، و ضعف البنية التحتية، بل انعدامها.
رغم ما تحدثنا عنه من أعطاب يعاني منها الشأن الشبابي بالإقليم، فإن العامل الذاتي يبقى حاضرا فيما آل إليه الوضع إذ لم تستطع جمعيات المجتمع المدني بالإقليم أن تشكل قوة اقتراحية ضاغطة و منافحة عن تحسين أوضاع الشباب و صيانة حقه في الإستفادة من خدمات القطاعات و تجويد أداء هذه الفضاءات رغم ما تبذله المجالس الجماعية و الإقليمية و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من مجهودات جبارة في سبيل تأهيل الشأن الشبابي عبر ما تقدمه للجمعيات من مشاريع تنموية في إطار تقوية القدرات، أو محاربة الشاشة إلى درجة أصبح معها دعم هذه المشاريع من بين الأولويات التي تركز عليها كل هذه المجالس منذ سنوات، ولعل المبلغ المالي الإجمالي السنوي المقدم للدعم لا يعكس الصورة الحقيقية للتنمية المستدامة، و إذا ما قورن بالحجم الضعيف لإنجازات إضافة إلى ضعف البرامج المقدمة التي تستهدف الشباب فضلا عن فقر محتواها التربوي، و مشاريع أو برامج مخطوطة على الأوراق لا أثر لها.