أيها المسؤولون رفقا بهذا الوطن!!
مصطفى فاكر
من خلال ملاحظاتي و معاينتي لمختلف الظواهر السلوكية و التمظهرات اللاإنسانية من طرف بعض مسؤولي هذا الوطن يظهر جليا أن هناك جهات نافذة داخل الدولة المغربية، يغريها حكم الدول المجاورة المستبدة بالمواطن، هذا ينجلي عمليا في سلوك بعض رجال السلطة و إدارتها لمختلف الملفات الراهنة من خلال نهج مقاربة أمنية قمعية، تنشر الخوف و تقمع الحريات، و تخرب المؤسسات و تدجنها و تستغلها لتحقيق مآربها السلطوية بالموازاة مع التطرف في اتباع سياسة اقتصادية ذات طابع نيوليبيرالي متوحش، تعتمد إثقال كاهل المواطن بالزيادات في أسعار المواد الأساسية، و إحداث مختلف الرسوم و الضرائب و الرفع من قيمتها في ظروف إقتصادية صعبة عنوانها تفشي الفساد و الغلاء و البطالة و اقتصاد الريع، و رداءة الخدمات الأساسية العمومية كالصحة و التعليم، و محاولة تنصل الدولة من أية إلتزامات إجتماعية، ما يفتح شهية هذه الطبقة السياسية الفاسدة في التمادي في التسلط و في نهجها المدمر هو غياب مجتمع مدني واع و حي، وفي غياب طبقة سياسية معارضة قوية و مستقلة تكبح هذا التسلط و تحد من انتشاره، وتعبر عن أصوات المقهورين و آلامهم و أحلامهم.
إذ كيف نطلب من حزب ولد و نشأ من رحم السلطة و هي التي أوجدته و أمدته بوسائل القوة أن يمارس دور المعارضة الحقيقية؟!.
وماذا تنتظر من حزب في الأغلبية يتمتع بكل الإمتيازات أن يحتج و يناضل مع المقهورين؟
و إن سبق أن سمعنا له صوتا فلا يكون إلا مدافعا شرسا عن سياسة التفقير و التجويع والقمع. إنه من المؤسف و المحزن فعلا أن تتصدر المشهد السياسي نخب فاقدة لأية إستقلالية و مصداقية، أضحى سلوكها السياسي مقززا. في مغرب القرن 21تنفث السلطة رعبها في وجه الشعب المغلوب على أمره، بإرسال الإشارات القمعية بأساليب تذكرنا بالماضي البائد:سنوات الرصاص و الإختطاف و الحجز و، و، و. إن واقع الحال يؤكد أننا لم نقطع حبل الوريد عن السلوك الفريد، حيث شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة تراجعات خطيرة و إنتكاسات كثيرة في مجال الحقوق و الحريات، و ذلك عبر محاكمات كل الأصوات الحرة النقابية و الحقوقية من أجل فضح بؤر الفساد، أو المطالبة بالحقوق العادلة و المشروعة و كذا خنق حرية الصحافة بتوزيع سنوات مجانية على كل صحافي يقول رأيا يخالف رأيهم.
لا يبدو أن هناك رجال دولة عقلاء مسموعون داخل دائرة الحكم للتنبيه لخطورة طغيان الأجهزة المعلومة، و تفشي المال الفاسد و موت السياسة و لسلبيات استقرار مفروض بالقوة و مبني على الخوف و ليس على رضى الناس، أو نتيجة رخاء إقتصادي، و ليس في الأفق أية تباشير لحدوث تغيير مأمول و مرغوب فيه ينتظره المغاربة و يفك عنهم ويلاتهم، فنتج عن هذا الإختلال في توزيع الثروة بالعدل ردود فعل سلبية من تجلياتها مظاهر العنف و العنف المضاد و ارتفاع معدلات الجريمة و الإفلات الأمني و تفشي تعاطي المخدرات و المهلوسات و حوادث الإنتحار الغريبة، و كثرة المتسولين و المعتوهين و المشردين، و غيرها من سمات تفسخ النسيج الإجتماعي، كل هذا ينبئ بوضع خطير و على أن المغرب على صفيح ساخن و كالبركان يغلي و تتفاعل فيه مكوناته لتصل درجته100 فينفجر و هذا مالا نريده، لأن في ذلك الوقت سيحترق اليابس بالأخضر و سيهوى في قاع النار التي لا تبقي و لاتذر.
لهذا لابد من تنبيه كل الفاعلين و الغيورين على مصلحة هذا الوطن من الداخل أو الخارج إلى ضرورة التدخل لإنقاذه عبر إعمال العقل و تقديم مصلحة الوطن على مصلحة الحزب أو الفرد أو الفئة و التحلي بالحكمة و التخلي عن الإنتقام و فتح حوار وطني جدي بين كل المكونات، أملنا في ذلك هو الخروج من هذه الأزمة الحرجة ويعش المغرب مستقرا ديمقراطيا حرا موحدا.