متابعة محسن الأكرمين.
من عجائب مكناس المدينة المتفحمة بروز الثقافة الاستهلاكية الرخوة والسهلة، من عجائب الشراكات المبدئية، تلك الدراسة والموافقة على اتفاقية الشراكة والتعاون بين جماعة مكناس من جهة ووزارة الثقافة والشباب المديرية الإقليمية لقطاع الثقافة من جهة أخرى (النقطة 07 من جدول أعمال الدورة العادية ليوم 06/05/2021). شراكة “لأجل التنشيط الثقافي والفني للمراكز الثقافية للقرب التابعة لجماعة مكناس مركز قدماء المحاربين نموذجا”.
من حسن تقدير الثقافة، أن هذه النقطة نالت حصة الأسد من الوقت الافتراضي المحدد لمجموع نقط الدورة (15د). كم هو رحيم مجلس مكناس بالثقافة !!! كم هو سخي مع التنشيط الفني والثقافي بالمدينة !!!كم هو ذكي مع الهندسة الثقافية السهلة بالمدينة !!! اليوم تتفجر العبقرية الكلية للشأن الثقافي بالمدينة وتنفتح على باب الشراكة مع مجلس الجماعة، اليوم بات المورد الثقافي بالمدينة يقزم تقزيما في التنشيط الثقافي والفني للمراكز الثقافية (نماذج). اليوم باتت المسؤوليات الثقافية بالمدينة غير بنائية للفعل الثقافي التواصلي بالمدينة، باتت الثقافة تقتفي الثقافة التقليدية والاستهلاكية، بدل ثقافة المواطنة وصناعة الإنسان الاجتماعي المندمج مع قضايا المدينة والوطن بالتفاعل البناء.
من المقاربات النوعية الجديدة دراسة الجدوى، حقا دراسة الجدوى من هذه الشراكة التي لا تحمل إضافات كلية للحقل الثقافي بمكناس، فالمجتمع المدني قادر على رفع مستوى التنشيط الثقافي والفني بالمدينة إن هو لاقى الاهتمام الكامل، بلا مؤثثات إدارية. نعم، قد نشتغل على الفعل الثقافي بالمدينة، لكنا لا نرسم حقول ثقافة الإنسان الواعي، المفكر، القادر على طرح أسئلة (القيم/ التفاعل/ التواصل الفعال/ قيادة التغيير الثقافي…)، نشتغل على توثيق صورة الثقافة المستملحة بالأرشفة التسويقية، ولا نوثق قيمة للثقافة الشعبية المنكسرة. نشتغل على بنيات ثقافية من الجيل التقليدي (القديم)، ولا نكلف كراسينا بالمطالبة على التوزيع العادل للثقافة والمراكز السوسيو ثقافية بالمدينة. نشتغل على الموجود ولا نكلف كراسينا بالتفكير في حلم المستقبل للثقافة الواعية بمكناس (مطلب المسرح الكبير).
منذ أيام قليلة خرجت مدينة مكناس من حفل توزيع العطايا الثقافية بجهة فاس مكناس (بخفي حنين) من مطلب المسرح الكبير، خرجت يتيمة مكسورة جناح الترافع عن أحقيتها لنيل مشعل الثقافة في جهة فاس مكناس والحصول على بناية المسرح الكبير (بمنتزه الرياض) وعلامة حصرية (مدينة الثقافة). قد نحتمل شؤم الخيبة التي تصيب المدينة في مواضع شتى، ولكن لا نحتمل تلك الوعود الجميلة التي كانت تدغدغ السمع بأن الوعاء العقاري للمسرح الكبير متوفر، وبأن الدراسة متمكن منها، وأن تغطية المتدخلين للتمويل متمكن منه. وعود بقيت حبرا على ورق مسطح في برنامج عمل الجماعة، ولم يتم إخراجه حتى بالتداول والترافع إلى وجود الحقيقة.
هي الثقافة (الحزينة) بمكناس مثل ثقافة مالك الحزين حين يظل مطأطأ الرأس، وبلا مطالب تجديد جدول أعمال الثقافة بالمدينة، كنا نأمل من مجلسنا الموقر ومن كرسي الثقافة بالمدينة بأن تكون تلك الشراكة أكبر من أحلام يقظتنا المتدنية بالمدينة (التنشيط الثقافي والفني)، كنا نأمل أن يختم هذا المجلس الموقر بإعلان الطفرة الثقافية لا ثقافة (قضي وعدي) ، كنا نأمل ألاّ ينال منتزه الرياض اقتطاعات من مساحته الإجمالية (النقطة 22)، ونبقيه مكانا آمنا لإنشاء المسرح الكبير بمكناس ولو بالاكتتاب الشعبي، كنا نأمل بثقافة التمكين بدل ثقافة التدوير.