لك الله يا وطني
مصطفى فاكر
كثر الكلام عن معالم مغرب ما بعد الإستحقاقات،عن عناوينه العريضة،عن ملامحه المحيرة،هل ستتحسن ملامحه الديمقراطية و الحقوقية لتغدو من توابث جماله؟؟وهل ستكون نهاية الفيروس كسقوط جدار بين مرحلتين؟وهل سينتهي نفق انحسار الحريات أم أنه لا ضوء في نهاية الطريق؟ و لأن الماضي حل بكل ثقل المفاجأة فقد أثقل التفكير في الحاضر بعيون ترقب الآتي و لا تملك ما يطمئن النفوس ،و أربك الخوف من القاتل المتجول(اليأس)في نفوس المواطن،الذي قد لايقف حتى و لو رأى علامة قف على الفم.
الكثير من التحليلات،ليست المخبرية فقط بل السياسية أقرت بانغلاق باب الحريات و غشيت مرحلة الماضي البصر عما سبقها في تحليلات آخرين كأنه الدواء منها حين اشتد الداء،لقد أظهرت المرحلة الفائتة كل الأعطاب و الجراح عارية…
أظهرت قطاع صحة عقيم يشكو من عدة علل،يختنق و ينتظر أجهزة تتنفس موعودة حتى نسي الناس الواعد و الموعود،وقطاع التعليم أنهكته الإصلاحات و ما زادته إلا عطبا و أظهرت أن المغرب لم يكن تنقصه إلا كمامة لينتهي مشهد تكميم بدأت فصوله مسبقا، و نرى الآن ربما عملية المسح الأخير للساحات ممن كانت تترك لهم إلى زمن قريب ليعبروا فيها عن مواقف كان قادة حكوميون يصرخون بها مقتنعين أو ربما أوهموا الناس بذلك،وحين عدلوا عنها فجأة أرادوا أن يغيروا نبرة صوت الآخرين المصدومين بشكل أوتوماتيكي من الإحتجاج إلى الزغاريد،و إن كانت الزغاريد لدينا ترفع أحيانا حتى في أكثر لحظات الحزن و الفقد.لازال المغرب مصرا على تنميط الطريق نحو الصوت الواحد و تسفيه المخالفين و ما يشهده قلب المغرب من منع للصوت الآخر الذي لم يرد كما رئيس الحكومة فيما بعد:”إنه إنفتاح”،وفضل أن يستعمل لغته الأصلية حين كان يسميه عاديا”سلم على هادوك لي سيفطوك”،فكان المشهد سرياليا عنوانه:”إذا تلونا عليك بيان الخميس فقل آمين”،وفي ضاحية سياسية من هذا المغرب الذي يريد أن يجعله البعض نمطيا بلا اختلاف في الآراء،تأتي أصوات تطالب بطئ صفحة الإعتقالات في حق المخالفين.
وفي سياقنا الوطني،حيث هناك رغبة في تكريس سيادة الخطاب الرسمي على كل الخطابات وهي ليست رغبة فقط،بل إرادة تتقوى بالقوة و تتجسد على الأرض يؤدي ذلك إلى جزر في مساحات حرية التعبير،فيحل موسم الصمت و الخوف،و يبتعد الناس خاصة الذين لهم صلة بالإعلام من تلقاء أنفسهم،عن الأمور التي قد تثير المشاكل يفهمون الإشارات من بعيد و يتبعون خيط الإشارة،و خيط الإشارة هذا تتلقفه دوائر كثيرة من صناع الرأي العام،وهو أمر يرصده الصحافيون أكثر من غيرهم،فهذه المهنة تعلم جس نبض الحرية في الكلام خلف سماعة الهاتف أو بين الحروف المفرومة أو في اللقاءات التي تقول بالوشوشة بما لا يقال جهرا،ولو أن هناك عناوين صامتة تسعف الكاتب و القارئ أن يسمع قوة الكلام الصامت لكانت أبلغ كلام…