عصر المتناقضات
مصطفى فاكر
بنظرة بسيطة إلى عصرنا الحالي ومن خلال ملاحظتك اليومية تستنتج أن عصرنا أضحى عصر المتناقضات.
فالفتاة البيضاء تراها تستلقي فوق الرمال الذهبية المحرقة ،و تستعمل شتى الاصبغة و الدهون الكريمات لتصبح بشرتها سوداء،و السوداء همها و شغلها الشاغل أن تصبح بيضاء،فهي تتجنب أشعة الشمس الحارة و تمتنع عن شرب القهوة حتى لا يتسرب السواد إلى بشرتها،و تراها تطرق أبواب الاطباء و تسأل الصيادلة عن آخر كريم سحري يمنحها البياض،و يحقق لها أمنيتها لتتشبه بالشقراوات،و لو أن الله خلقها بيضاء لعاندت صبغة الله و أرادت عكس ماهي عليه.
رؤساء العالم ينادون بالسلام و احترام حقوق الإنسان و يوقعون معاهدات السلام ،و في نفس الآن يمارسون أبشع أنواع الإنتقام الجسدي و التمثيل بالجسم الإنساني سرا و علانية،ذلك لا يهم،فيصنعون الأسلحة الفتاكة و المدمرة لإبادة الجموع المتكاثرة بالجملة و بسرعة ،لأن العصر عصر السرعة.
كل الناس تنادي بالقيم و الفضيلة و بالديمقراطية،و الإبتعاد عن الرذيلة و تتكلم بلسان الواعظ وحينما تنزل لواقع المجتمع ترى الرذائل تحرق الفضائل.
من الناس من يدعي لنفسه الجمال و الكمال و ينعت الآخر بأقبح و أرذل وصف ظنا منه أنه سيسدي خدمة جليلة ،في حين أنه لو راقب نفسه لمات هما و غما من فرط دناءته و وقاحته.
إذن من المذنب:المجتمع أم الإنسان؟الكتاب أم القارئ؟المخرج أم المتفرج؟
لا اجتهاد مع النص كما يقال.كلهم سواء مادام أحدهم لا يملك القدرة و الجرأة و الشجاعة في كشف رؤوس الفساد الحقيقيين و يتستر وراء أسماء مستعارة متطاولا كالزرافة التي تتبخثر بفارغ طولها و تنكمش عند سماع زئير الأسد.