المواطن و السياسي:أية علاقة؟
شارع نيوز : مصطفى فاكر
مصطفى فاكر
علماء السياسة و رجالاتها لايغفلون صغيرة و لا كبيرة في مجال الممارسة السياسية من وسائل و برامج و أهداف، ونحن صغار في المدرسة علمونا فهم السؤال نصف الجواب، حينها كنا لا ندرك معنى هذه العبارة و لا الدلالة من وراءها، و كأنها عادة إتخذها معلمو الأجيال، لكن حينما بلغت من الكبر عتيا و تقاذفتني أمواج المجتمع بين هذا وذاك، و ما راكمته من تجارب جعلتني أدرك كنه و فلسفة الحياة و تيقنت جليا أننا نعيش فوضى فكرية حيث اختلطت عندنا العلاقة بين المواطن البسيط و المواطن السياسي إن صح القول.
مناسبة هذا القول هو أننا كمواطنين نريد الكثير من الرجل السياسي، بل ننتظر منه الأكثر من ذلك و كأن السياسي عنده خاتم سليمان أو بيده عصا موسى يفك بها المعضلات و يحقق بها المستحيلات، نعتبره رجلا فوق العادة لا يستعصي عليه شيء و لا يقف أمامه شيء، إنه الكل في الكل يدافع عنا و يواسينا و يلملم جراحنا و يسدد ديوننا و و و…
إنه ليس من العيب و لا من العار إن كنا وضعنا ثقتنا في من يمثلنا و يتكلم بلساننا، و لكن العيب و العار هو أننا لم نستوعب الدرس ممن سبقونا ومنحناهم ثقتنا حيث ينطبق علينا المثل الشعبي الذي يقول:”الدجاجة غسلات رجليها و نسات ماداز عليها”.إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا و علاقته بالمواطن يشعر بالتقزز و النفور، لأن ممارسة السياسي في واد و هموم المواطن في واد آخر لا علاقة.
إن أول شيء نريده نحن كمواطنين من السياسي تقوية الثقة بالدور المجتمعي و إعادتها إلى نفوس المغاربة، لأن المواطنين اهتزت تقثهم به و ذلك لأسباب عديدة و مختلفة حيث أصبح المواطن لا يؤمن بالوعود التي ينثرها السياسي في فترة الإنتخابات، و ترسخت عنده القناعة بأنها لا تسمن و لا تغني من جوع اللهم تلك الدريهمات التي يحصل عليها في وقتها متعللا في ذلك ب”قرصة من ظهر الفكرون و لا يمشي سالت” في إشارة قوية إلى أخذ الرشوة و المساومة مادام أن كل السياسيين لهم نبرة واحدة و خطاب واحد مع إختلاف فقط في الرمز و الشعار.
إن بعض السياسيين يدخلون عالم السياسة عراة من الأخلاق لا ضمير لهم و لا ذمة لهم، و متى تخلى الإنسان عن ضميره و أخلاقه فلا تنتظر منه خيرا.
ولقد أكد ذلك خطاب جلالة الملك محمد السادس حين حمل الأحزاب مسؤولية التنصل من أدوارها الحقيقية في التأطير و توعية المواطن و الإنكباب على حل المشاكل و التقرب من إنشغالاته و إهتماماته و لو كانت بسيطة، كما أكد على ذلك الملك محمد السادس حفظه الله:”و إن حفر بئر أو شق طريق قروية لا تقل أهمية عن المشاريع الكبرى إن كانت تلبي حاجيات المواطن”إن من بين الأمور التي يريدها المواطن من ذاك السياسي المصداقية في القول و الفعل، فمن بين الأمور التي يجب على السياسي أن يلتزم بها إزاء المواطن هي المصداقية، و ألا ينسيه كرسيه و منصبه ماكان يتبجح به، فكم من سياسي باع أهله و عشيرته و كل من سهر معه، بل باع مبادئه و حزبه من أجل مغنمة زائلة.
لابد للسياسي”مع عدم التعميم” أن يعي أنه مواطن ينتمي لوطنه و من شروط المواطنة الحقة أن نعمل على ترجمتها على أرض الواقع لا أن نتغنى بها فقط.