الثقة وأزمتها

الثقة وأزمتها

شارع نيوز: ادريس بوشتاوي

غريب ما نعيشه أيامنا هذه من أزمة وفقذان للثقة في كل شيء بدون سبب أو اية حجج علمية ومنطقية دامغة، فما سبب ذلك يا ترى؟

هل هو نابع من فقداننا لثقتنا ببعضنا البعض؟ ام بذاتنا؟ ام هو مجرد تطبيق للمقولة المتداولة “خالف تعرف”؟ فبالرغم أننا نركب سيارات اجرة مع سائقين نجهل من هم، ومع ركاب لا نعرف هويتهم، ونساعد اشخاص في الطريق ليست لنا اية دراية بهم، أو نسألهم عن وجهة معينة بالرغم من عدم معرفة مسبقة بهم، الى غير ذلك من التصرفات اليومية التي نقوم بها بعفوية وانسيابية بطبيعة الفطرة، دون ان نستحضر هاجس الثقة أو عدمها فيهم.

ما من عاقل على وجه البسيطة ينكر انه يجب علينا ان نكون حذرين وانتقائيين في معاملاتنا وعلاقاتنا، ذلك لأنه يوجد بيننا من هم أصحاب نية فاسدة ومن ينتمون لفصيلة الذئاب البشرية، الذين يتحينون الفرصة للانقضاض على فريستهم بدون رحمة ولا ضمير، كما اننا لا نعيش بالمدينة الفاضلة بمفهومها الفلسفي، لكن العقل والمنطق يحتم علينا الحذر والتدبر وليس الرفض المنهجي لكل شيء بدون سبب مقنع، وتغليب نظرية المآمرة في كل المواقف.

لأن من مبادئ الثقة التأكد من الشخص الذي سيحظى بثقتنا قبل تمتيعه بها، أو الحكم على الثقة به من خلال عرقه أو دينه أو كونه ينتمي الى جهة جغرافية معينة، كما يجب تجنب الاحكام المسبقة أو احكام قيمة على الأشخاص، حتى ثبوت العكس وتبيان ما ينطوي عليه من فساد للنية والضمير، ولما يكنه قلبه من مشاعر حقد دفين، و…..الخ.

حينها وجب عزله والابتعاد عنه وفي ذلك منافع وخير للجميع. فعبر جميع المراحل التاريخية وفي كل المجتمعات بشرية كانت أو حيوانية، متحضرة أو همجية، كانت الثقة ولا زالت بمثابة ذلك الاسمنت الذي يجمع صفوف هذه المجتمعات ويقوي مناعتها للتصدي لأي دخيل من شأنه أن يخلل جمال ورونق هذا الجسم المتكامل والمتناسق في أداء وظائفه.

فالثقة إيمان قوي بمصداقية شخص أو جماعة وبقدرتهم على تحمل مسؤولياتهم والتزاماتهم بكل الجد وجدية والتحلي بسخاء المشاعر الودية وبروح العطاء بدون مقابل.

بدون شك ان الأمور تتغير بوثيرة متسارعة وبخطى كبيرة، يصعب مجاراتها إلا أن الثقة أساسية لبناء مجتمع متماسك الصفوف وحياة يومية سعيدة وهي ضرورية كذلك لإقامة علاقات حقيقية وصادقة بين الناس، كما أنها تأثر في التفاعلات فيما بينهم، وفي جميع المجالات كالعلاقات بين الزوجين والعلاقات العملية والمهنية بين الرئيس والمرؤوس في العمل، وبين الجيران، وفي المعاملات التجارية على سبيل المثال لا الحصر.

العلوم الإنسانية والاجتماعية، تعطي تعريفات كثيرة للثقة بالآخرين، واجمالا يمكننا حصرها في أن طبيعيًة بنو البشر تميل الى منح الثقة مع الحُكم على أن الشخص الممنوح جديرٌ بهذه الثقة، وعليه يجب علينا الحفاض على الثقة بحيث لا تكون عمياء ولا مطلقة، فخير الأمور اوسطها.

شاهد أيضاً

عذرا أبريل أنت لست كذابا

عذرا أبريل أنت لست كذابا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار