زلزال الحوز و التلاحم بين العرش و الشعب

زلزال الحوز و التلاحم بين العرش و الشعب

مصطفى فاكر

لقد مرت أسابيع على الفاجعة التي ألمت بالمغرب وزعزعت بنيانه و مزقت أحشائه،و ظن الأعداء الذين في قلوبهم مرض أنها القاضية،و أن المغرب لن تقوم له قائمة،فكانت إرادة شعب و عزيمة ملك أقوى مما يتصوره الآخر.

و سقطت الأقنعة و ظهر للعالم تلاحم قوي و روابط مشيمية تربط الشعب والعرش ،و أعطى دروسا بليغة في معنى الوطنية و الملكية و الذوذ عن راية البلد تحت قيادة رشيدة و رزينة.

فبقدر هول و فظاعة الزلزال بقدر العطايا و المنة الإلهية ثم كرم المغاربة الذي أماط اللثام و أزال الغشاوة عن حقائق ،و محص الصالح و الطالح وحثالة القوم و ربات حجال.

الزلزال كان مناسبة لإظهار الدور الريادي لمكانة الملك في نفوس المواطنين و مناسبة لمعرفة مكانة الشعب في قلب الملك و وقوفه وهو يتفقد الضحايا و الجرحى و يواسي المنكوبين،كما أبان الشعب عن مبادرة قل نظيرها و لا يتميز بها إلا هو وحده في العطاء المذهل و الكرم الحاتمي من استرخاص للدماء و شق للطرقات و إنقاذ الجرحى و تخصيص مبالغ مالية و تنويع مجالات البذل و العطاء ، حتى أعطى صورة مشرقة في التنافس في مجالات الخير ،لافرق بين غني و فقير ،ولا بين شيخ و لا صغير إلا بماجادت به أنفسهم.

لقد خسئ المنجمون و المشككون ممن كانوا يراهنون على إستسلام المغرب ليتبرعوا و يتقدموا بمساعدتهم ظاهرها الإحسان و باطنها التشفي و العتاب،إلا ممن صفت سريرتهم و حسنت نواياهم،لكن سواعد المغاربة من كل الأجناس و الأطياف و من مختلف الفئات و الشرائح الإجتماعية أبهرت العالم و أنسته هول الفاجعة.

هناك من قطع الشك باليقين أن المغرب بلد ضعيف و سيفشل في تدبير هكذا كوارث و لا يتمنطق بالوسائل التي ستعينه و يفتقد للكفاءة و القوة على تخطي الصعاب،و نسي أو تناسى أن المغرب بلد قوي بشعبه و بملكه لا يقبل المذلة و يعشق التحدي،فكما إلتحم حينما عمل المستعمر”بكسر السين” على نفي الملك محمد الخامس أنذاك،و إلتحم حينما دعاه الملك الحسن الثاني للمشاركة في المسيرة الخضراء،هاهو يلتحم الآن وراء الملك محمد السادس مجابها الأزمة و مسيطرا عليها.

شعب تاريخه حافل بالمنجزات،شعب عروقه ضاربة في القدم،لايكل و لايمل،له من الأنفة و عزة النفس ما يفتت صخر الصعاب،حيث كان الرد سريعا و قويا على أرض الواقع،من توفير الإمكانات البشرية و المادية و اللوجستيكية في مثل هكذا فاجعة.

إنها رسائل قوية مشتركة بين العرش و الشعب في مواجهة زلزال الحوز و فرصة لتصحيح المسار و ترتيب الاولويات إلى المنتخبين و السياسيبن الذين ينتظرون فقط وقت الإنتخابات للنزول إلى المواطن،و أن الوطن فوق كل إعتبار،و أن يعملوا بجد و اجتهاد كما دعا الملك إلى ذلك في خطبه النيرة ،و أن المغرب له رجاله ينافحون عنه و لا يبخسونه حقه مهما كانت المحن.

شاهد أيضاً

عامل عمالة مكناس عبد الغني الصبار يشرف على حفل افتتاح مهرجان الدراما التلفزية

عامل عمالة مكناس عبد الغني الصبار يشرف على حفل افتتاح مهرجان الدراما التلفزية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار