كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب بالمملكة المغربية خلال الدورة 44 للجمعية العامة للجمعية البرلمانية لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا (AIPA)

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب بالمملكة المغربية خلال الدورة 44 للجمعية العامة للجمعية البرلمانية لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا (AIPA)

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب بالمملكة المغربية خلال الدورة 44 للجمعية العامة للجمعية البرلمانية لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا (AIPA)باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلينصاحبة المعالي Puan MAHARANI رئيسة مجلس النواب بجمهورية إندونيسيا رئيسة الدورة 44 للجمعية العامة،أصحاب المعالي الزملاء والزميلات رؤساء المؤسسات التشريعية وأعضاء الوفود،أصحاب السعادة السفراء،السيدات والسادة،أود في البداية أن أتوجه بالشكر الجزيل لصاحبة المعالي Puan MAHARANI رئيسة مجلس النواب بجمهورية أندونيسيا الشقيقة على الدعوة الكريمة التي وجهتها إلى مجلس النواب بالمملكة المغربية للمشاركة في الدورة 44 للجمعية العمومية للجمعية البرلمانية لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا (AIPA) حيث نحظى بصفة عضو ملاحظ، ممتنا لها على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وعلى حسن تنظيم هذه الدورة وتوفير كافة الشروط لنجاحها. وليس هذا الكرم، وهذه القدرة على التنظيم، وهذه التلقائية في استضافة واحتضان المؤتمرات الدولية، بجديد أو غريب عن الأمة الأندونيسية العظيمة. فقد كان هذا البلد الشقيق دوما بلد مواجهة التحديات. وجميعُنا يتذكر مؤتمر باندونغ في 1955 الذي شاركت فيه 29 دولة من إفريقيا وآسيا الحديثة الاستقلال حينها، وتلك التي كانت تكافح من أجل التحرر الوطني من ربقة الاستعمار.فقد كسّر هذا المؤتمر الثنائية القطبية المحتدة وقتها ووضع خريطة الطريق لقيام حركة عدم الانحياز، وفتح أفقا جديدا للعلاقات الدولية. فَشَرَفُ المواقف، واحتضان المبادرات الدولية السلمية ليس بعزيز على الأمة الأندونيسية وقيادتها السياسية ونخبها ورموزها التاريخية، ومنهم الزعيم سوكارنو الذي يذكره المغاربة بشوارع وساحات تحمل اسمه.وإننا لنفتخر بالمملكة المغربية بما يجمعنا مع هذا البلد الشقيق من روابط الدين، والقيم والثقافة والانتماء والمصالح؛ على غرار ما يجمعنا من أخوة وصداقة مع مجموع بلدان رابطة جنوب شرق آسيا التي تقاسمنا معها الكفاح ضد الاستعمار، ونتقاسم معها، اليوم، الكفاح من أجل التنمية والتقدم.الزميلات والزملاء،السيدات والسادة،تنعقد الدورة 44 للجمعية البرلمانية لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا (AIPA)، في سياق دولي بالغ التعقيد، ومفتوح على كل الاحتمالات، ومرشح لمزيد من التوترات والأزمات مَالَمْ يَعْمَدْ أعضاء المجموعة الدولية إلى مراجعة مجموعة من السياسات، و ما لم يتخذوا تدابير ناجعة وفعالة لمواجهة أصول الشرور Les racines du mal.وحسنًا فعلتم عندما اخترتم التركيز في هذه الدورة على دور البرلمانات في بناء السلم والاستقرار وتحقيق الازدهار.وحيث إن الوقت المخصص لي لا يسمح بالتفصيل في مجمل التحديات التي تواجهها المجموعة الدولية، اسمحوا لي أن أتفاعل مع مداخلاتكم القيمة واقتراحاتكم الناجعة، وأتقاسم معكم الملاحظات التالية :أولها، يتمثل في أن المجموعة الدولية تواجه اليوم أكبر التحديات التي لم تعترضها منذ الحرب الكونية الثانية. فإلى تداعيات جائحة كوفيد 19 على الاقتصاد العالمي، والانعكاسات الخطيرة للاختلالات المناخية على أحوال البشرية، تُضاف تداعيات الحروب والنزاعات، وشُحُّ مصادر التموين والغذاء والتنافس الدولي الحاد عليها. ثاني الملاحظات، يتمثل في أن العلاقات الدولية أصبحت مبْنية على الانشطارLa fragmentation أكثر والتمزق، عوض القطبية، وبِتَعَدُّدِ الأحلاف والمحاور، مع ما يستتبع ذلك من تحديات أمنية، ومن تنامي للحركات الإرهابية والنزعات الانفصالية المتحالفة معها، مع كل ما ينتج عن ذلك من مخاطر على وحدة الدول واستقرارها وعلى الأمن العالمي.ثالث الملاحظات، تتمثل في ازدهار الأنانيات الوطنية والنزوع إلى الانطواء في مواجهة هذه التحديات عوض التضامن والتعبئة الجماعية والوحدة، والعمل المشترك في مواجهة التهديدات الحاصلة والمستقبلية.الملاحظة الرابعة، تتمثل في تعمُّق الشرخ في التنمية والمداخيل ومستوى العيش بين مكونات المجموعة الدولية، وخاصة بين الشمال والجنوب، وداخل المجتمع الواحد، جراء العوامل التي ذكرت وغيرها، مما يزيد من حركات الهجرة، ويعمق الشعور باليأس والإحباط، خاصة في أوساط الشباب، بالموازاة مع تنامي الوعي بالفوارق بفضل إمكانيات التواصل، مما يجعل الديمقراطية المؤسساتية موضع تساؤل في ما يرجع إلى المردودية والعائد الاجتماعي والوقع على حياة الناس. الزميلات والزملاء،ليست هذه المعضلات بِقَدَرٍ لا رادَّ له ce n’est pas une fatalité، كما أن المسؤولية السياسية والأخلاقية والتاريخية للدول ونخبها، وخطورة الأوضاع الدولية، لا تسمح بالاستسلام لهذه المخاطر. وبالتأكيد، فإن لرابطتكم الكثير مما يمكن أن تساهم به لدرء هذه التهديدات، وإعادة الهدوء والتوازن إلى العلاقات الدولية، واستتباب السلم والأمن الدوليين وضمان احترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها وعدم التدخل في شؤون الغير، باعتبار ذلك من أسس القانون الدولي. وفضلا عن ذلك، فإن بلدانكم مؤهلة للمساهمة بشكل حاسم في إيجاد الرافعات الاقتصادية والقَيْمِية والثقافية وقلب inverser المعادلات السلبية على النحو الذي يُيَسِّر استفادة الجميع من مكاسب العولمة والتجارة الدولية والتقدم التكنولوجي.وما من شك في أن الصعود الاقتصادي والتكنولوجي الذي تحققه البلدان الأعضاء في رابطتكم ومحيطها الإقليمي، وما يميز شعوبها من انضباط وثقافة الجد والعمل، والاعتدال، كفيل بتيسير هذه المساهمة.ودون مجاملة، اسمحوا لي أن أؤكد أن تكتلكم المبني على التعاون والشراكة والذي استطاع تجاوز منطق الإيديولوجيا، مرشحٌ للمساهمة بقدر كبير من القيمة المضافة الاقتصادية والتكنولوجية والبشرية، وفي مجال المبادلات في إعادة التوازن للعلاقات الدولية، خاصة من خلال تقاسم الخبرات وتيسير نقل التكنولوجيات والمهارات. وإن مما يُسْعِفُه أكثر في تحقيق ذلك، بُعْدُه عن سياسة المَحَاوِر الجيوسياسية وتركيزه على بناء الإنسان الجديد وإنتاج الثروات والابتكار.وأود أن أؤكد لكم أن بلادي، المملكة المغربية، التي تقيم علاقات تاريخية مع بلدانكم، تتقاسم معكم نفس الانشغالات، في الكفاح ضد أسباب الاختلالات المناخية، وضد تدهور البيئة، خاصة تلوث المحيطات والبحار، ومن أجل توطين مشاريع الاقتصاد الأخضر وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة، وهي مشاريع تكتسي طابعا استراتيجيا بالمملكة، وتفتح آفاق واسعة لشراكات متوازنة.وسنكون سعداء، بفتح آفاق جديدة للتعاون مع البلدان الأعضاء في رابطتكم، خاصة في المشاريع الاستراتيجية التي تساهم في إنتاج الغذاء، حيث تنجز بلادي مشاريع كبرى وتساهم في تنمية الفلاحة الإفريقية، بفضل مهاراتها في هذا المجال وبفضل ما تتوفر عليه من إمكانيات هائلة من الفوسفاط والمخصبات وأيضا في مجال الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيات المرتبطة به.وتتيح اتفاقيات التبادل الحر التي تجمع بلادي مع بلدان وتكتلات اقتصادية كبرى، بما فيها الولايات المتحدة البلد الحليف والصديق العريق للمغرب، إمكانيات هائلة للولوج إلى أسواق بحوالي مليار مستهلك، فضلا عما تتيحه 1500 اتفاقية مع البلدان الشقيقة الإفريقية، أَلْفٌ منها وُقِّعَت منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش في 1999.وفضلا عن موقعه الاستراتيجي بالقرب من أوروبا (أقل من 14 كلم عن أوروبا) وتجذره الإفريقي والمتوسطي، يتوفر المغرب على تجهيزات أساسية متقدمة، وخاصة الموانئ على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، مما يجعله مؤهلا ليكون مركز مبادلات تجارية (Plate-forme) مع باقي البلدان الإفريقية التي تجمعه بها شراكات عديدة، فضلا عن البلدان الأوروبية حيث يتمتع بوضع متقدم في علاقته مع الاتحاد الأوروبي.ويتعزز كل ذلك، بالاستقرار والأمن الذي ينعم به المغرب، وبالحرية الاقتصادية، وبالقوانين المؤطرة للاستثمارات والتي توفر ضمانات كبرى للاستثمارات الأجنبية، وخاصة بدوره المحوري في استتباب السلم، وفي التعايش بين الأديان والمعتقدات والحضارات والثقافات، وهو ما تضطلع فيه الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية، بدور الضامن الاستراتيجي والروحي.

الزميلات والزملاء،السيدات والسادة،في كل هذا، للبرلمانات أدوار حاسمة ينبغي أن تضطلع بها، أولا بالتنبيه إلى مخاطر الأوضاع الدولية، وثانيا بالسعي إلى الوقاية من الأزمات وإلى تسوية النزاعات، وثالثا بالترافع إلى ضرورة بناء نظام اقتصادي دولي عادل يأخذ بعين الاعتبار مصالح بلدان الجنوب، ورابعا بتعزيز الديمقراطية المؤسساتية التي يتعين أن تأخذ بعين الاعتبار السياقات الوطنية والثقافات، والبناء على التراكم وتجنب القطائع الحادة.أشكركم على إصغائكم.

شاهد أيضاً

مشاركة مجلس النواب في اجتماع مجموعة العمل البرلمانية رفيعة المستوى للتكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي التابعة للبرلمان العربي

مشاركة مجلس النواب في اجتماع مجموعة العمل البرلمانية رفيعة المستوى للتكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي التابعة للبرلمان العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار