ثورة الملك و الشعب ثورة ضد الفساد و المفسدين
مصطفى فاكر
كل الآباء و الأجداد يذكرون ملحمة 20غشت بما تحمله من دلالات و معاني وارتباط وثيق بين الملك و شعبه لمحاربة المستعمر-بكسر الميم- الذي نهب خيرات البلاد لأكثر من أربعة عقود إلى أن طردته القوى الحية من البلاد شر طردة فخرج منه مذموما مدحورا يجر خيبات الأمل.
إن الجيل الجديد من المغاربة و الأجيال السابقة جعلا من ذكرى ثورة الملك و الشعب ثورة ملكية شعبية جديدة و متجددة لتحرير البلد من أخطبوط الفساد و تحرير المغرب من الطغمة التي تكلم عنها الملك محمد السادس في خطابه حول (من نهب الثروة).
حفنة من البشر أتقن أباؤهم و أسلافهم سبل الإغتناء الفاحش، ولم يكتفوا بذلك بل أورثوه لأبنائهم و أحفادهم على ملاعق من ذهب و شرعوا لهم الأبواب كما النوافذ لمواصلة مسلسل النهب و السرقة، وهاهم حتى اليوم يعيثون فسادا و لا يتركون وراءهم سوى الفقر إرثا للشعب.
وإذا كان المغرب قد احتفل بالذكرى69 من ثورة الملك و الشعب و هي مناسبة جعلتها تلك الطغمة الميسورة تمر كل سنة على المغاربة مرور الكرام، حتى أصبح معظم المغاربة لا يهمهم منها سوى الإنتفاع بيوم عطلة.
لقد آن الأوان ليعرف المغاربة و يدركوا أنه ليست فرنسا و الفرنسيون من استعمرهم و نهب خيرات بلادهم، بل أصبحوا مقتنعين أنهم ضحايا هذه الشرذمة من إخوانهم في الدين و الطين الذين اغتنموا و اغتنوا من الريع و النفوذ و الفساد و النهب لأكثر من ستة عقود بدءا من حكومة المقاومين و الرأسماليين و الإشتراكيين و الليبراليبن ثم فقهاء القرويين و الإسلاميين الذين أصدروافتوى (عفا الله عمن خطف).لقد عرف المغرب عدة انتفاضات بقيادة النخب السياسية اليسارية إبان الثمانينات و التسعينات في مواجهة الفساد و محاربة كل أنواع الريع و النهب، لكن هذه النخب كان ينقصها الدعم الشعبي، و اعتقدت أنها يجب أن تمر عبر الشرعية و الحكَم إلا أنها اصطدمت بالملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يعتقد أن هذه النخب اليسارية تريد نزع الشرعية عنه، فظل الصراع قائما حول الشرعية و محاربة نظام الحكم بدل محاربة شرعية النهب التي حازها المفسدون الذين أبدعوا في نهب البلاد و العباد بقوة القانون المشبوه.
واليوم فقد أدرك الشعب و خاصة أمام وفرة و تنوع وسائل التواصل الإجتماعي التي غزت العالم أن هناك إرادة ملكية قوية وواضحة في محاربة الفساد و المفسدين، إذ لا أحد يمكنه أن ينكر إنضمام الملك إلى الشعب و هذا جلي وواضح من خلال خطبه، واعترافه الصريح و الواضح حين تساءل:أين هي الثروة؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة؟ أم أنها همت بعض الفئات فقط؟….
لقد تأكد الملك شخصيا من أن الثروة تعرضت لنهب جسيم و منظَم و مستمر من طرف عصابات و مافيات الجريمة المنظمة من المفسدين وناهبي المال العام.الفساد الذي تمدد و تسرطنت أذرعه لم يعد اليوم قضية فئة قليلة من المغاربة، بل هو اليوم قضية شعب وملك في إلتحام قوي ومنظم لمحاربة الفساد و القضاء عليه، حيث نأمل أن تكون هذه الذكرى جسرا لميلاد ثورة حقيقية لتحرير البلاد من الفساد و أباطرة الإثراء غير المشروع….