خطاب الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة دعوة صريحة للقطع مع الفساد المائي

خطاب الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة دعوة صريحة للقطع مع الفساد المائي

مصطفى فاكر

لا تكاد تخلو محطة من المحطات الكبرى في السياسة المغربية إلا وكان لخطاب الملك أثر بليغ في رسم خارطة طريق و كشف سوءة المدبرين و المسيرين للشأن العام في البلاد سواء أكانوا فاعلين سياسيين أو إقتصاديين.

ويأتي اليوم خطاب الملك في إفتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة ليقطع مع قانون الفساد المائي أو بعبارة أصح مع الريع المائي.

خطاب الملك بلغة المغاربة شخص الإختلالات البنيوية بتؤدة و رفق دون مج أو قسوة لواقع محكوم عليه بالصمت المطبق،خطاب خلخل عقلية المدبرين للموارد المائية،خطاب الملك رسالة إلى من يهمه الأمر بأسلوب واضح و لغة يفهمها كل حسب موقعه و مكانته الإجتماعية ،خطاب يفهمه السياسي و العالم و الفقيه و العامي،خطاب شجاع جرىء في التشخيص و الدواء بدون مهدئات أو مسكنات ،ثورة ضد الفساد المائي.

خطاب الملك بالبرلمان لا يحتاج إلى تحليل عميق و دائرة مستديرة للنقاش و الإستنباط و الإستنتاج،لأن فيه من الصراحة ما يشفي الغليل و يزيل الضيم و يفتت صخر التأويلات و التخمينات ،ينطق بما يشعر و يبادر حين تركن الحكومات للصمت و الإنتظارية.

ملك يأتي بالحلول و المبادرات و لا ينظر إلى المثبطات و المدلهمات،حيث وضح بأن الجفاف لم يعد دوريا بل أضحى بنيويا و هيكليا،كما دعا جلالته إلى الخروج من إقتصاد ظل مرتبطا بالتساقطات و المطر إلى منظومة تنموية ترتبط بالري و السقي،لأن الجفاف غدا واقعا مناخيا ليس بالمغرب وحده بل بسائر المعمور.الجفاف ليس حالة إستثنائية يعرفه المغرب ،بل هو سنة كونية منذ الأزل و قد وضح القرآن الكريم سيرة أقوام منعوا المطر و أصابهم القنط و اليأس،وما تلاه القرآن في سورة يوسف يقطع الشك باليقين في سنوات عجاف و تدبير علمي مبني على حسن التصرف و التدبير،حيث أن سيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام دبر أزمة سبع سنين من القحط بإصلاح مجتمعي و هي الرؤية التي رآها الملك في المنام  و استعصى عليه فك رموزها إلى أن دله وزيره على سيدنا يوسف وهو في السجن ليفك خيوطها  و يتولى تدبير الأزمة ببصيرة علمية زراعية .

خطاب الملك يجب أن يفهمه الوزراء و البرلمانيون و أصحاب الضيعات الكبرى،فلا تبذير بعد الآن و لا تضييع لقطرة ماء في المسابح الخاصة و في ملاعب الكولف و في رش العشب داخل الفيلات و الملاعب الرياضية،يجب التخطيط للإدخار و تقاسم تكلفة الجفاف و القطع مع الريع المائي،و الرسالة جلية وواضحة:لا مضخات مياه تستنزف آخر قطرة من المياه الجوفية في ضيعات كبار الفلاحين المعفيين من الضرائب من أجل إنضاج فاكهة موسمية لا نعرف لها إسما،ولامزيد من زراعات ذات التكلفة المائية الباهظة،ولا سكنيات لكبار الموظفين بلا عدادات خاصة.

الخطاب أيضا كان دعوة صريحة إلى أولئك الذين يستغلون نذرة الماء فيؤججوا النزاعات و يستغلونها سياسيا و هي رسالة ثانية في الخطاب حيث كثر المن و السلوى،و المن محبط للعمل و لكل أزمة تجار يركبون عليها،تشريح باطني دقيق لكائنات غريبة سياسوية إنتخابوية تركب على مطالب الناس في مناطق تعاني القحط و شح المياه لزرع بذور الفتنة و اللا إستقرار و المساومة و عوض أن يكون جزءا من الحل يصب الزيت في النار.خطاب الملك قطع مع إقتصاد يتأسس على الغيبيات و الإنتظار ،قطع مع تنمية تلتصق بالسماء،و نبه إلى ضرورة التكيف مع الواقع و الإبتكار و تشجيع كل المبادرات بفتح المجال أمام بحث علمي موجه بحاجات المجتمع لا بحث علمي عن طرق كوبي كولي.

شاهد أيضاً

الاحتفال بالذكرى التاسعة عشر لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

الاحتفال بالذكرى التاسعة عشر لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار